فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآية رقم (88):

قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما بين سبحانه مخازيهم حتى ختمها بعظيم ما ارتكبوا من الرسل من القتل المعنوي بالتكذيب والحسي بإزهاق الروح مع العلم بأنهم أتوا بالبينات والآيات المعجزات فأرشد المقام إلى أن التقدير فقالوا للأنبياء لما أتوهم أمورًا كثيرة يعجب من صدورها عن عاقل وأتوا في الجواب عن تكذيبهم وقتلهم من التناقضات بما لا يرضاه عالم ولا جاهل عطف عليه أو على {وقالوا لن تمسّنا النار} [البقرة: 80] قوله- بيانًا لشدة بهتهم وقوة عنادهم: {وقالوا} في جواب ما كانوا يلقون إليهم من جواهر العلم التي هي أوضح من الشمس {قلوبنا غلف} جمع أغلف وهو المغشى الذكر بالقلفة التي هي جلدته، كأن الغلفة في طرفي المرء: ذكره وقلبه، حتى يتم الله كلمته في طرفيه بالختان والإيمان- قاله الحرالي.
فالمعنى: عليها أغطية فهي لا تفهم ما تقولون.
فكان المراد بذلك مع أنهم أعلم الناس أن ما يقولونه ليس بأهل لأن يوجه إليه الفهم، ولذلك أضرب الله سبحانه عنه بقوله: {بل} أي ليس الأمر كما قالوا من أن هناك غلفًا حقيقة بل {لعنهم الله} أي طردهم الملك الأعظم عن قبول ذلك لأنهم ليسوا بأهل للسعادة بعد أن خلقهم على الفطرة الأولى القويمة لا غلف على قلوبهم، لأن اللعن إبعاد في المعنى والمكانة إلى أن يصير الملعون بمنزلة النعل في أسفل القامة يلاقي به ضرر الموطي- قاله الحرالي.
ثم بين علة ذلك بقوله: {بكفرهم}.
قال الحرالي: أعظم الذنوب ما تكون عقوبة الله تعالى عليها الإلزام بذنوب أشد منها، فأعقب استكبارهم اللعن كما كان في حق إبليس مع آدم عليه السلام، فانتظم صدر هذه السورة إظهار الشيطنتين من الجن والإنس الذي انختم به القرآن في قوله: {من الجنة والناس} [الناس: 6] ليتصل طرفاه، فيكون ختمًا لا أول له ولا آخر، والفاتحة محيطة به لا يقال: هي أوله ولا آخره، ولذلك ختم بعض القراء بوصله حتى لا يتبين له طرف، كما قالت العربية لما سئلت عن بنيها: هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها.
ولما أخبر بلعنهم سبب عنه قوله: {فقليلًا ما يؤمنون}، فوصفه بالقلة وأكده بما إيذانًا بأنه مغمور بالكفر لا غناء له. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

أما الغلف ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه جمع أغلف والأغلف هو ما في غلاف أي قلوبنا مغشاة بأغطية مانعة من وصول أثر دعوتك إليها.
وثانيها: روى الأصم عن بعضهم أن قلوبهم غلف بالعلم ومملوءة بالحكمة فلا حاجة معها بهم إلى شرع محمد عليه السلام.
وثالثها: غلف أي كالغلاف الخالي لا شيء فيه مما يدل على صحة قولك.
أما المعتزلة فإنهم اختاروا الوجه الأول، ثم قالوا: هذه الآية تدل على أنه ليس في قلوب الكفار ما لا يمكنهم معه الإيمان، لا غلاف ولا كن ولا سد على ما يقوله المجبرة لأنه لو كان كذلك لكان هؤلاء اليهود صادقين في هذا القول، فكان لا يكذبهم الله بقوله: {بَل لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ} لأنه تعالى إنما يذم الكاذب المبطل لا الصادق المحق المعذور، قالوا: وهذا يدل على أن معنى قوله: {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا} [الكهف: 57] وقوله: {إِنَّا جَعَلْنَا في أعناقهم أغلالا} وقوله: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا} [يس: 8، 9] ليس المراد كونهم ممنوعين من الإيمان، بل المراد إما منع الألطاف أو تشبيه حالهم في إصرارهم على الكفر بمنزلة المجبور على الكفر.
قالوا: ونظير ذم الله تعالى اليهود على هذه المقالة ذمه تعالى الكافرين على مثل هذه المقالة وهو قوله تعالى: {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِى ءاذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5] ولو كان الأمر على ما يقوله المجبرة لكان هؤلاء القوم صادقين في ذلك، ولو كانوا صادقين لما ذمهم بل كان الذي حكاه عنهم إظهارًا لعذرهم ومسقطًا للومهم.
واعلم أنا بينا في تفسير الغلف وجوهًا ثلاثة فلا يجب الجزم بواحد منها من غير دليل.
سلمنا أن المراد منه ذلك الوجه لكن لم قلت إن الآية تدل على أن ذلك القول مذموم؟. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} عطف على {استكبرتم} [البقرة: 78] أو على {كَذَّبْتُمْ} [البقرة: 7 8] فتكون تفسيرًا للاستكبار، وعلى التقديرين فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة إعراضًا عن مخاطبتهم وإبعادًا لهم عن الحضور، والقائلون هم الموجودون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، والغلف جمع أغلف كأحمر وحمر وهو الذي لا يفقه، قيل: وأصله ذو الغلفة الذي لم يختن، أو جمع غلاف ويجمع على غلف بضمتين أيضًا.
وبه قرأ ابن عباس وغيره، وأرادوا على الأول قلوبنا مغشاة بأغشية خلقية مانعة عن نفوذ ما جئت به فيها، وهذا كقولهم: {قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: 5] قصدوا به إقناط النبي صلى الله عليه وسلم عن الإجابة وقطع طمعه عنهم بالكلية، وقيل: مغشاة بعلوم من التوراة نحفظها أن يصل إليها ما تأتي به، أو بسلامة من الفطرة كذلك، وعلى الثاني أنها أوعية العلم فلو كان ما تقوله حقًا وصدقًا لوعته قاله ابن عباس وقتادة والسدي أو مملوءة علمًا فلا تسع بعد شيئًا فنحن مستغنون بما عندنا عن غيره، روي ذلك عن ابن عباس أيضًا، وقيل: أرادوا أنها أوعية العلم فكيف يحل لنا اتباع الأمي ولا يخفى بعده. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} إما عطف على قوله: {استكبرتم} [البقرة: 87] أو على {كذبتم} [البقرة: 87] فيكون على الوجه الثاني تفسيرًا للاستكبار أي يكون على تقدير عطفه على {كذبتم} من جملة تفصيل الاستكبار بأن أشير إلى أن استكبارهم أنواع: تكذيبٌ وتقتيل وإعراض.
وعلى الوجهين ففيه التفات من الخطاب إلى الغيبة وإبعاد لهم عن مقام الحضور فهو من الالتفات الذي نكتته أن ما أجري على المخاطب من صفات النقص والفظاعة قد أوجب إبعاده عن البال وإعراضَ البال عنه فيشار إلى هذا الإبعاد بخطابه بخطاب البعد فهو كناية.
وقد حسَّن الالتفاتَ أنه مؤذن بانتقال الكلام إلى سوء مقابلتهم للدعوة المحمدية وهو غرض جديد فإنهم لما تحدث عنهم بما هو من شئونهم مع أنبيائهم وجه الخطاب إليهم، ولما أريد الحديث عنهم في إعراضهم عن النبيء صلى الله عليه وسلم صار الخطاب جاريًا مع المؤمنين وأجرى على اليهود ضمير الغيبة.
على أنه يحتمل أن قولهم: {قلوبنا غلف} لم يصرحوا به علَنا ويدل لذلك أن أسلوب الخطاب جرى على الغيبة من مبدأ هذه الآية إلى قوله تعالى: {ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل} [البقرة: 92].
والقلوبُ مستعملة في معنى الأذهان على طريقة كلام العرب في إطلاق القلب على العقل.
والغُلْف بضم فسكون جمع أغلف وهو الشديد الغلاف مشتق من غَلَّفه إذا جعل له غِلافًا وهو الوعاء الحافظ للشيء والساتر له من وصول ما يُكره له.
وهذا كلام كانوا يقولونه للنبيء صلى الله عليه وسلم حين يدعوهم للإسلام قصدوا به التهكم وقطع طمعه في إسلامهم وهو كقول المشركين: {قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب} [فصلت: 5].
وفي الكلام توجيه لأن أصل الأغلف أن يكون محجوبًا عما لا يلائمه فإن ذلك معنى الغِلاف فهم يُخيَلون أن قلوبهم مستورة عن الفهم ويريدون أنها محفوظة من فهم الضلالات ولذلك قال المفسرون: إنه مؤذن بمعنى أنها لا تعي ما تقول ولو كان حقًا لوعته، وهذان المعنيان اللذان تضمنهما لتوجيه يلاقيهما الرد بقوله تعالى: {بل لعنهم الله بكفرهم} أي ليس عدم إيمانهم لقصور في أفهامهم ولا لربوها عن قبول مثل ما دعوا إليه ولكن لأنهم كفروا فلعنهم الله بكفرهم وأبعدهم عن الخير وأسبابه.
وبهذا حصل المعنيان المرادان لهم من غير حاجة إلى فرض احتمال أن يكون غلف جمع غلاف لما فيه من التكلف في حذف المضاف إليه حتى يقدر أنها أوعية للعلم والحق فلا يتسرب إليها الباطل. اهـ.

.قال الفخر:

أما قوله تعالى: {بَل لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ} ففيه أجوبة:
أحدها: هذا يدل على أنه تعالى لعنهم بسبب كفرهم، إما لم قلتم بأنه إنما لعنهم بسبب هذه المقالة فلعله تعالى حكى عنهم قولًا ثم بين أن من حالهم أنهم ملعونون بسبب كفرهم.
وثانيها: المراد من قوله: {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} أنهم ذكروا ذلك على سبيل الاستفهام بمعنى الإنكار يعني ليست قلوبنا في أغلاف ولا في أغطية، بل قوية وخواطرنا منيرة ثم إنا بهذه الخواطر والأفهام تأملنا في دلائلك يا محمد، فلم نجد منها شيئًا قويًّا.
فلما ذكروا هذا التصلف الكاذب لا جرم لعنهم الله على كفرهم الحاصل بسبب هذا القول، وثالثها؛ لعل قلوبهم ما كانت في الأغطية بل كانوا عالمين بصحة نبوة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما قال تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ} [الأنعام: 20]، [البقرة: 146] إلا أنهم أنكروا تلك المعرفة وادعوا أن قلوبهم غلف وغير واقفة على ذلك فكان كفرهم كفر العناد فلا جرم لعنهم الله على ذلك الكفر. اهـ.

.قال الألوسي:

{بَل لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ} رد لما قالوه، وتكذيب لهم فيما زعموه، والمعنى أنها خلقت على فطرة التمكن من النظر الصحيح الموصل إلى الحق لكن الله تعالى أبعدهم، وأبطل استعدادهم الخلقي للنظر الصحيح بسبب اعتقاداتهم الفاسدة وجهالاتهم الباطلة الراسخة في قلوبهم، أو أنها لم تأب قبول ما تقوله لعدم كونه حقًا وصدقًا بل لأنه سبحانه طردهم وخذلهم بكفرهم فأصمهم وأعمى أبصارهم أو أن الله تعالى أقصاهم عن رحمته فأنى لهم ادعاء العلم الذي هو أجل آثارها، ويعلم من هذه الوجوه كيفية الرد على ما قيل قبل من الوجوه. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وقوله: {بل لعنهم الله بكفرهم} تسجيل عليهم وفضح لهم بأنهم صمموا على الكفر والتمسك بدينهم من غير التفات لحجة النبيء صلى الله عليه وسلم فلما صمموا على ذلك عاقبهم الله باللعن والإبعاد عن الرحمة والخير فحرمهم التوفيق والتبصر في دلائل صدق الرسول، فاللعنة حصلت لهم عقابًا على التصميم على الكفر وعلى الإعراض عن الحق وفي ذلك رد لما أوهموه من أن قلوبهم خلقت بعيدة عن الفهم لأن الله خلقهم كسائر العقلاء مستطيعين لإدراك الحق لو توجهوا إليه بالنظر وترك المكابرة وهذا معتقد أهل الحق من المؤمنين عدا الجبرية. اهـ.

.قال الفخر:

في تفسيره ثلاثة أوجه:
أحدها: أن القليل صفة المؤمن، أي لا يؤمن منهم إلا القليل عن قتادة والأصم وأبي مسلم.
وثانيها: أنه صفة الإيمان، أي لا يؤمنون إلا بقليل مما كلفوا به لأنهم كانوا يؤمنون بالله، إلا أنهم كانوا يكفرون بالرسل.
وثالثها: معناه لا يؤمنون أصلًا لا قليلًا ولا كثيرًا كما يقال: قليلًا ما يفعل بمعنى لا يفعل ألبتة.
قال الكسائي: تقول العرب: مررنا بأرض قليلًا ما تنبت، يريدون ولا تنبت شيئًا.
والوجه الأول أولى لأنه نظير قوله: {بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا} [النساء: 155] ولأن الجملة الأولى إذا كان المصرح فيها ذكر القوم فيجب أن يتناول الاستثناء بعض هؤلاء القوم. اهـ.

.قال الألوسي:

{فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ} الفاء لسببية اللعن لعدم الإيمان، وقليلًا نصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي إيمانًا قليلًا، وهو إيمانهم ببعض الكتاب وما مزيدة لتأكيد معنى القلة لا نافية لأن ما في حيزها لا يتقدمها ولأنه وإن كان بمعنى لا يؤمنون قليلًا فضلًا عن الكثير لكن ربما يتوهم لاسيما مع التقديم أنهم لا يؤمنون قليلًا بل كثيرًا، ولا مصدرية لاقتضائها رفع القليل بأن يكون خبرًا، والمصدر المعرف بالإضافة مبتدأ، والتقدير فإيمانهم قليل، وجوز بعضهم كونها نافية بناء على مذهب الكوفيين من جواز تقدم ما في حيزها عليها ولم يبال بالتوهم وآخرون كونها مصدرية، والمصدر فاعل {قَلِيلًا} وكانوا مقدرة في نظم الكلام فتكون على طرز {كَانُواْ قَلِيلًا مّن الليل مَا يَهْجَعُونَ} [الذريات: 17] ولا يخفى ما فيه من التكلف، وجوز أيضًا انتصاب قليلًا على الحال إما من ضمير الإيمان أو من فاعل {يُؤْمِنُونَ} والتقدير فيؤمنونه أي الإيمان في حال قلته، وهو المروي عن سيبويه أو فيؤمنون حال كونهم جمعًا قليلًا أي المؤمن منهم قليل، وهو المروي عن ابن عباس وطلحة وقتادة، ولذا جوز كونه نعتًا للزمان أي زمانًا قليلًا وهو زمان الاستفتاح أو بلوغ الروح التراقي، أو ما قالوا: {ءامِنُواْ بالذي أُنزِلَ عَلَى الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره} [آل عمران: 2 7] وأولى الوجوه أولها، والظاهر أن المراد بالإيمان المعنى اللغوي، والقلة مقابل الكثرة، وقال الزمخشري: يجوز أن تكون بمعنى العدم، وكأنه أخذه من كلام الواقدي لا قليلًا ولا كثيرًا؛ واعترضه في (البحر) بأن القلة بمعنى النفي، وإن صحت لكن في غير هذا التركيب لأن قليلًا انتصب بالفعل المثبت، فصار نظير قمت قليلًا أي قيامًا قليلًا، ولا يذهب ذاهب إلى أنك إذا أتيت بفعل مثبت، وجعلت قليلًا صفة لمصدره يكون المعنى في المثبت الواقع على صفة أو هيئة انتفاء ذلك المثبت رأسًا، وعدم وقوعه بالكلية، وإنما الذي نقل النحويون أنه قد يراد بالقلة النفي المحض في قولهم أقل رجل يقول ذلك، وقلما يقوم زيد فحملها هنا على ذلك ليس بصحيح، وليت شعري أي معنى لقولنا يؤمنون إيمانًا معدومًا، وما نقل الكسائي عن العرب أنهم يقولون: مررنا بأرض قليلًا ما تنبت ويريدون لا تنبت شيئًا فإنما ذلك لأن قليلًا حال من الأرض، وإن كان نكرة، وما مصدرية والتقدير قليلًا إنباتها فلا مانع فيه من حمل القلة على العدم وأين ما نحن فيه من ذاك اللهم إلا على بعض الوجوه المرجوحة لكن الزمخشري غير قائل به، ويمكن أن يقال: إن ذلك على طريق الكناية فإن قلة الشيء تستتبع عدمه في أكثر الأوقات لا على أن لفظ القلة مستعمل بمعنى العدم فإنه هنا قول بارد جدًا ولو أوقد عليه الواقدي ألف سنة. اهـ.